2013-02-12 11:15:03
لا أدرى كيف قفز إلى ذهنى فور مشاهدتى لمقطع فيديو رئيس الوزراء المثال العربى الشهير «تكلم حتى أعرفك».. وترددت كثيرا أن أبنى على هذا المثال ما أحكم به على الرجل، لكننى حين أعدت مشاهدة الفيديو أكثر من مرة أقدمت بعد إحجام، وتجاسرت من بعد تخوف على القول بأن هذا المقطع الصغير يمثل عينة من مستوى تفكير الرجل الثانى فى مصر. وما اعتدت أبدا أن أترك لنفسى العنان للتنقص من شخص؛ أى شخص لِعَىٍّ فى لسانه أو تلعثم فى عباراته، فليس التندر بعيوب كهذه من شيم الرجال، ولو كان الفيديو الأخير المتداول لرئيس الوزراء من نمط هذه الأخطاء لكنت قد تغافلت عنه، إنما المشكلة تكمن فى أن السلوك مرآة للفكر، والحق أن سلوك د. قنديل فى هذا الفيديو كان مرآة لتفكير سطحى إلى أقصى درجة. أمانة الكلمة لا تعرف المجاملة، وقد سبق لى أن كتبت فى هذه المساحة تحديدا أكثر من مقالة أسدى فيها النصح المتدرج لرئيس الوزراء فحدثته عن الإدارة بالأهداف، وعن خرائط الأزمات وغيرها آملا وقت ذاك فى إصلاح ولو جزئيا نعبر به المرحلة حتى تُشكل الحكومة المنتخبة، لكن مُسكنات الصداع لا يمكنها إيقاف نزيف الخسائر المادية والبشرية المتزايد. يا سيدى كيف أثق أنك تختار القرار الصائب فى مسألة بالغة الحساسية سيستمر أثرها ربما لعشر سنوات إن لم تتجاوزها كقرض صندوق النقد الدولى، إذا كانت «نظرة الطائر» bird>s eye view «التى تمتلكها تربط بين «النظافة الشخصية» و«إصابة الأطفال بالإسهال» وقصة حدثت لك على الصعيد الشخصى فى موقع محدود الجغرافيا متناهى الصغر وبين سياسات اقتصادية تُساءل عنها أنت وحكومتك؟ أخبرك أنا.. ببساطة أنت أردت الحديث عن مشكلات متجذرة فى المجتمع المصرى، كالجهل بصفة عامة وتفشى «الأمية الصحية» بصفة خاصة، وتهالك البنية التحتية، وتدهور الرعاية الصحية.. لكنك عبرت عن كل مشكلة من هذه بأسوأ عبارة ممكنة، وبغير رابط منطقى يعطينا انطباعا جيدا عن رؤية حقيقية تمتلكها للإصلاح. قدم استقالتك من منصبك يا سيدى فهذا أقل ما تقتضيه الأمانة.. الأمانة التى إذا وُسدت لغير أهلها كان ذلك من علامات الساعة.. قدم استقالتك يا سيدى وأقدم على ما يُحجم عنه الرئيس حتى هذه اللحظة بغير مبررٍ واضح! التذرع بأن الوقت غير مناسب حجة داحضة لأن التعديل الوزارى من شهر مضى شمل ثمانية وزراء دفعة واحدة أغلبهم فى أخطر مفاصل الدولة وأكثرها حساسية ولم يراجعك أحد فى قضية ملاءمة الحدث للوقت بالغ الضيق من عدمه. أمَّا مجلس النواب القادم فلا داعى للتعلل بتشكيله للحكومة المقبلة، فلو أن حكومة تم تشكيلها الآن وأظهرت من علامات ومؤشرات حسن الأداء ما يشفع لها عند العقلاء، فبإمكان المجلس القادم أن يجدد الثقة فيها بلا شك.