عاجل عن مرسي واسرته وماذا يفعل

محمد الباز



مسئول بفندق هيلتون نفى معرفته بفاتورة رحلة طابا.. وأحالنا إلى «إيلين ريد» فى دبى
خطاب من مدير مكتب مرسى إلى رئيس ديوانه يطلب سرعة توفير محل إقامة لأسرة الرئيس بإحدى المحافظات البعيدة عن المظاهرات والاضطرابات

الرئيس يطلب التنسيق مع وزير الدفاع ومديرى المخابرات العامة والحربية والأمن الوطنى والحرس الجمهورى لتأمين العائلة


كان يمكن وبسهولة أن تمر حكاية فاتورة إقامة زوجة الرئيس محمد مرسى وعائلتها وصديقاتها الإخوانيات دون إزعاج، من ناحية لأن الفاتورة نشرت أولا على بعض مواقع التواصل الاجتماعى، وهى مواقع فى الغالب لا رقيب ولا حسيب على ما تنشره، ومن ناحية ثانية لأن فندق هيلتون طابا الذى نسبت إليه الفاتورة أكد لى أنه لا يعرف شيئا عنها، ولا عمن أصدرها.

الموظفون فى فندق هيلتون طابا عندما اتصلت بهم للسؤال عن الفاتورة، التزموا بمهام عملهم، قال لى أحدهم إن الفاتورة التى نشرت فى بعض مواقع التواصل الإلكترونى لا نعرف عنها شيئا، فقلت له: ألم يكن من الأولى أن يبادر الفندق ويعلن الحقيقة حتى لا يكون هناك لغطا حول زوجة الرئيس، فقال لى الموظف الملتزم: لم يطلب منا أحد بشكل رسمى أن نعلن عدم مسئوليتنا عن الفاتورة.

قلت له: إذا كانت هذه الفاتورة لم تخرج من الفندق.. فهل يمكن أن نعرف قيمة الفاتورة التى خرجت بتكاليف إقامة زوجة الرئيس وصديقاتها فى الفندق، فاعتذر بأدب جم، وقال إنه ليس مسموحا له أن يدلى بأى معلومات عن العملاء، لكنه وقبل أن ينهى مكالمته معى، قال أننى يمكن أن أرجع إلى السيدة «إيلين ريد» المسئولة عن فنادق هيلتون فى الشرق الأوسط والتى تقيم فى دبى، للحصول على تصريح منها قبل أن أحصل على أى معلومات خاصة بزوجة الرئيس أو بغيرها من عملاء الفندق.

حاولت طوال أربع وعشرين ساعة الاتصال بالسيدة «إيلين ريد» فى دبى، لكن هاتفها أبى الرد، ولا أدرى هل كان موظف هيلتون طابا يوزعنى بالذوق.. أم أن هناك بالفعل سيدة تدعى «إيلين ريد».. يمكن لها أن تعلن حقيقة الفاتورة المنسوبة للفندق.

موظف هيلتون طابا لم يقل إن الفاتورة ليست صحيحة، لكنه أكد أن الفندق لا يعرف عنها شيئا، وقد يكون من الإنصاف التأكيد على الفاتورة ليست صحيحة لبعض الأسباب منها، أنها خرجت بالدولار، والفنادق لا تحرر فواتير بالدولار للنزلاء المصريين،
ومبلغ علمى أن السيدة أم أحمد مصرية، إلا إذا كانت نزلت فى الفندق على اسم أحد أبنائها الذين يحملون الجنسية الأمريكية.. وهنا يكون التعامل بالدولار مقبولا جدا. فاتورة هيلتون طابا التى ما زالت الشكوك تحيط بها من كل جانب فيها تفاصيل مرعبة، فإجمالى المبلغ الذى تكلفته رحلة العائلة الرئاسية خلال ثلاثة أيام هو 329، 153 دولارًا أمريكيًا، أى ما يزيد عن مليونى جنيه مصرى شامل الخدمة والضريبة، هذا بالطبع غير تكاليف الطائرة الخاصة « بومباردييه/ كيو 400» سعة 74 راكبًا المستأجرة من شكرة سمارت للطيران. ومن بين تفاصيل الفاتورة تبدو لنا حياة الترف التى عاشتها العائلة الرئاسية.. فهناك مثلا (6190 دولارًا) قيمة استهلاك مشروبات بالمينى بار الملحق بالغرف والأجنحة، و( 3900 دولار) مساج، و( 46900 دولار) مقابل خدمات أخرى، دون الإفصاح عن حقيقة هذه الخدمات الأخرى. وفد السيدة الأولى أيضا دفع 1618 دولارًا قيمة الواى فاى (الإنترنت اللاسلكى» و2060 دولارًا قيمة استخدامات البار العمومى، و1030 دولارًا غسيل ومكوى. البعض ببساطة يمكن أن يطعن على الفاتورة لأن قيمتها مبالغ فيها جدا، فكيف للعائلة الرئاسية أن تنفق ما يزيد على مليونى جنيه فى 3 ليال، وهو كلام منطقى، لكن الرد عليه بسيط، فالعائلة لم ترحل إلى طابا بمفردها، بل اصطحبت السيدة أم أحمد معها عددا من زوجات قيادات الحرية والعدالة، وعدد من زوجات أساتذة جامعة الزقازيق، وهن الصديقات القديمات فى الجامعة التى عمل بها زوجها.. وبالتقريب فإن عدد الوفد بالحراسة يمكن أن يقترب من 70 فردا، وهو ما نستدل عليه بعدد مقاعد الطائرة الخاصة التى انتقلت بها العائلة الرئاسية إلى طابا. التشكيك فى فاتورة هيلتون طابا يمكن أن نحتمله ونتفاعل معه، لكن أعتقد أن التشكيك فى وثيقة صادرة عن رئاسة الجمهورية أمر يمكن أن يكون صعبا. وهنا تنتقل رحلة العائلة الرئاسية إلى طابا من مساحة كم تكلفت إلى مساحة من دفع التكلفة؟ أحد أبناء الرئيس مرسى قال إن والده هو من تحمل تكلفة الرحلة كاملة، وقد قال كلمته ومضى دون أن يقدم دليلا واحدا على ذلك، وكأنه يكفى أن يقول ابن الرئيس شيئا لنصدقه. وثيقة رئاسة الجمهورية تقول كلاما مختلفا تماما، فالخطاب الذى حرره أحمد محمد محمد عبد العاطى مدير مكتب رئيس الجمهورية فى 27 يناير الماضى والموجه إلى السفير محمد رفاعة الطهطاوى رئيس ديوان رئيس الجمهورية يكشف أن الرئاسة هى التى مولت الزيارة كاملة. نص الخطاب مهم جدا، يقول عبد العاطى للطهطاوى:» نظرا للظروف الأمنية الصعبة والمظاهرات والاعتصامات التى تجتاح البلاد، ونظرا لقرب الموعد المحدد سلفا لسفر فخامة الرئيس إلى كل من ألمانيا وفرنسا، وازدياد حدة المخاطر التى تتعرض لها أسرة فخامته فى كل من القاهرة والشرقية، صدق فخامة الرئيس على ما يأتى: أولا: سرعة توفير محل إقامة آمن لأسرة فخامته، على أن يكون بإحدى المحافظات الآمنة التى لا تشهدأى مظاهر للاضطرابات وتتوافر فيه كافة الإمكانات والإجراءات الأمنية، ويتم الاتفاق مع السيد وزير الدفاع والسادة مديرى أجهزة المخابرات العامة والعسكرية والأمن الوطنى والسيد اللواء قائد الحرس الجمهورى. ثانيا: وجوب المحافظة على السرية التامة وسرعة تنفيذ القرار قبل موعد مغادرة فخامته للقاهرة. ثالثا: اعتماد جميع الأموال اللازمة لذلك من صندوق الخدمات العاجلة برئاسة الجمهورية. فى الوثيقة يظهر الرئيس محمد مرسى بتوقيعه، فقد كتب على الخطاب « فريق الأزمات لتنفيذ ما جاء فورا مع الحرص الشديد». الخطاب يكشف حالة مختلفة.. فمن حق عائلة الرئيس أن تحصل على الإجازة التى تريدها فى الوقت الذى تشاءه، وتنفق عليها ما تريد طالما أن الإنغاق من جيب الرئيس وأمواله الخاصة، خاصة أن الرحلة كما بدا لم تكن للعائلة فقط، ولكنها كانت للعائلة والأصدقاء والمعارف والمحاسيب. ومن حق عائلة الرئيس أيضا فى حالات الأزمات أن تسكن فى مكان آمن وأن تقوم أجهزة الدولة المختلفة بحراستها، لكن هل يعقل أن يكون هذا المكان الآمن هو طابا، ثم من أى شىء تهرب عائلة الرئيس، يمكن أن يعترض البعض على محاصرة بيت الرئيس فى الشرقية، ومحاولة المعترضين على حكم مرسى على اقتحامه أكثر من مرة؟ لكن هل هذا يبرر نقل عائلة الرئيس إلى طابا.. ثم هل انتهت الأزمات والمظاهرات والاعتصامات فى مصر، حتى تعود العائلة بعد 3 ليال فقط فى طابا، وهو ما يدل على أن سفر العائلة لم يكن له علاقة على الإطلاق بالأحداث التى تجرى فى مصر، بقدر ما كان فسحة ونزهة للعائلة الرئاسية، تحت غطاء أن الرئيس يريد حماية أسرته مما تعرض له. قد يكون الربط بين فاتورة طابا وخطاب أحمد عبد العاطى إلى الطهطاوى متعسفا، فكل منهما يمثل انتهاكا مستقلا من قبل الرئيس، صحيح أنه يجب أن يحمى أسرته ويحافظ عليها، لكن هل يضع كل أجهزة الدولة فى خدمة الزوجة والعائلة، هل يقف وزير الدفاع ومديرو أجهزة المخابرات العامة والعسكرية والأمن الوطنى وقائد الحرس الجمهورى فى طابور واحد.. من أجل أمن عائلة واحدة، بينما بقية العائلات تبكى أبناءها الشهداء. لقد أشارت وثيقة الرئاسة إلى صندوق الخدمات العاجلة، فهل أصبحت أموال هذا الصندوق فى خدمة عائلة الرئيس.. هل أمواله أصبحت مخصصة للترفيه عن عائلة الرئيس؟ ثم أليس من الديمقراطى والإسلامى والإنسانى فى الوقت نفسه أن يعلن الرئيس بوضوح عن أموال هذا الصندوق.. وهل من حق الرئيس أن يتصرف فيها بالشكل الذى يريده. لقد تجاهلت الرئاسة تماما وبشكل مطلق ما تردد عن الفاتورة، ورغم أن المتحدث الرسمى باسم الرئاسة الدكتور ياسر على يسارع وينفى كل ما ينسب إلى المؤسسة العريقة.. فإن الصمت هذه المرة كان سيد الموقف، رغم أن الموقف خطير بالفعل. الخطورة تأتى من وجهين، فلو صح أمر الفاتورة فمعنى هذا أن عائلة الرئيس تتعامل بسفه وعدم شعور بالمسئولية، ففى الوقت الذى كان المصريون يموتون برصاص داخلية زوجها، كانت حرم الرئيس تتنزه فى طابا هى وأسرتها. أما الوجه الثانى فهو وقوع محمد مرسى فى نفس الفساد الذى كان مبارك يقع فيه، وهو فساد كان يقوم على عدم الفصل بين أموال الرئيس الشخصية وأموال الدولة، أو أنه يستخدم أموال الدولة بشكل واضح وصريح فى أموره الخاص، دون أن يخاف رقيبا ولا حسيبا.. فالجهات الرقابية كلها أصبحت تحت يده، ولا يمكن لأحد أن يرفع رأسه فى مواجهة الرئيس. يجب أن يعرف محمد مرسى أن المصريين كانوا على استعداد لمنح مبارك فرصة لإكمال فترته الرئاسية، لكن الإعلان عن قدر ثروته – لا أحد يعرف حجمها الحقيقى الآن – وهو 70 مليار دولار، لم يسامحه أحد، فهو لم يكن مستبدا فقط، لكنه كان – من وجهة نظرهم – لصا أيضا . نربأ بمحمد مرسى الذى يقدم نفسه على أنه الرئيس التقى الورع أن يكون لصا، لكن من حقنا أن نعرف ما الذى جرى، ولماذا تلتزم مؤسسة الرئاسة بالصمت المريب تجاه تصرفات عائلة الرئيس وتحركاتهم وسلوكياتها المادية.. من مصلحة مرسى أن يتحدث الآن.. فالحديث قادم.. لكنه فيما يبدو سيكون حديث فضائح. الفجر

الرجوع للصفحة الرئيسية

0 التعليقات

شارك بتعليقك

مواضيع تهمك

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
الصفحة الرئيسية | حقوق القالب ل سامبلكس | مع تحيات المصري الحر