انتخابات (أرشيفية
ماذا وراء الرفض الثاني الذي أعلنته المحكمة الدستورية العليا، لمشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية، ومجلس النواب؟
هل هناك نية حقيقية من الإخوان المسلمين لإجراء انتخابات مجلس النواب فعلاً؟.. أم أن سيناريو «تلغيم» مشروع القانون هو مكيدة دبرها الإخوان بليل لاستمرار هذه الحالة من الفوضي السياسية، وبقاء الأوضاع علي ما هي عليه، واستمرار منح مجلس الشوري صلاحية التشريع بدلاً من مجلس النواب؟
ويبدو أن الإخوان الذين يعلنون دائماً أنهم يسعون لإجراء الانتخابات البرلمانية لاستكماله باقي مؤسسات الدولة، يعملون في الخفاء من أجل تأجيل إجراء هذه الانتخابات لأنهم متأكدون من تراجع شعبيتهم في الشارع.
وقد فاجأتنا المحكمة الدستورية العليا بقرارها الأخير الخاص بعدم دستورية المواد 3 و13 و14 و16 من مشروع قانون انتخابات مجلس النواب، وكذلك المواد أرقام 1 و2 و10 و12 و16 و22 و31 و83 و69 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، وإعادة مشروعي القانونين لمجلس الشوري، فهذه المرة هي الثانية التي تصدر فيها المحكمة قراراً بهذا الشأن، ففي المرة الثانية قررت المحكمة بعدم دستورية عدد من مواد نفس مشروع القانون، وتمت إعادته لمجلس الشوري ليتفادي الأخطاء.
وفي إطار الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية علي القوانين تم عرض القانون للمرة الثانية علي المحكمة التي أصدرت تقريرها بعدم دستورية المواد السابق ذكرها.
وكشفت هذه الأحكام والقرارات التي أصدرتها المحكمة أن هناك «لعبة إخوانية» لتمديد أجل إصدار هذا القانون، ومن ثم تأجيل الانتخابات البرلمانية للعام القادم كما أكد الخبراء.
ويتفق مع هذا التفسير الدكتور عبدالله المغازي، أستاذ القانون الدستوري والمتحدث الرسمي باسم حزب الوفد، مشيراً إلي أنه علي مجلس الشوري والقانونيين المنتمين له أن يقدموا اعتذاراً مكتوباً للشعب المصري علي هذه الأخطاء التي يقعون فيها في صياغة القانون، ومن ثم تقرر المحكمة عدم دستورية مشروع القانون، وهذا دليل علي نقص خبرة هؤلاء القانونيين، أو أنهم يضعون هذه التشريعات لمصالح شخصية أو حزبية فقط.. ويضيف الدكتور المغازي: بالإضافة لقلة الخبرة فهناك محاولات من جماعة الإخوان لكسب الوقت، خاصة أن الجماعة وحزب «الحرية والعدالة» أصبحا علي اقتناع تام بتناقص شعبيتهم، خصوصاً مع زيادة تفاقم الأزمة الاقتصادية، لذلك فهم يسعون لكسب الوقت لتحسين صورتهم بشتي الطرق.
وحول اقتراح المحكمة تقديم التعديلات المطلوبة علي هذه المواد قبل إعادة عرض القانون علي مجلس الشوري مرة أخري، يقول: هذا حل جيد للأزمة، فالمحكمة يمكنها أن تقدم البديل القانوني السليم، والصياغة السليمة للمواد، وعلي المجلس الأخذ بهما، حتي لا تتكرر مشكلة الحكم بعدم دستورية القوانين.
وأضاف: إذا لم يأخذ المجلس بتعديلات المحكمة فهذا دليل علي وجود انحراف في التشريع من مجلس الشوري لتحقيق مصالح حزبية أو شخصية ضيقة وتعمد لإهمال المصلحة العليا للوطن.
وأضاف الدكتور المغازي: كان يجب علي المحكمة الدستورية العليا أن تقضي بعدم دستورية مجلس الشوري في شهر ديسمبر الماضي، وبالتالي يقع علي عاتقها مسئولية حل هذا المجلس، وما يحدث من أخطاء.
الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية، يري أنه لا سند قانونياً أو دستورياً، لتدخل جماعة الإخوان المسلمين في العمل السياسي، فالجماعة دائماً تفضل إجراء الانتخابات البرلمانية بأسرع وقت ممكن، حتي يكتمل بناء المؤسسة التشريعية وتنتقل السياسة في مصر إلي مرحلة الاستقرار الديمقراطي، كما تعلن.
لكن الواقع يؤكد عكس ذلك - كما يقول حمزاوي - فالجماعة وحزبها «الحرية والعدالة» لديها رغبة في تأجيل الانتخابات لفترة، حيث إن الحزب لديه أكثرية تتحول إلي أغلبية في مجلس الشوري تمكنه من تمرير كافة مقترحات القوانين التي يريدون تمريرها في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية.. كما أن مجلس الشوري ليس له اختصاصات رقابية أو محاسبية إزاء السلطة التنفيذية المتمثلة في رئيس الجمهورية وحكومته، والأجهزة الإدارية التي تتبعهما.
كما يدرك الإخوان تراجع شعبيتهم خلال الآونة الأخيرة بسبب سياسات وممارسات الرئيس وضعف الحكومة، كل هذه الأسباب تجعل الإخوان ليس لديهم رغبة حقيقية في إجراء الانتخابات قبل عام 2014.
ويؤكد «حمزاوي» أنه ليس هناك وسيلة للخروج من هذا المأزق إلا بضغط شعبي سلمي لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أو بقرار من المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشوري لنفس الأسباب التي أدت إلي حل مجلس الشعب، ومن ثم إجبار الإخوان علي التفكير في إجراء بديل لإيجاد مؤسسة تشريعية.
أما الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدراسات السياسية، فيري أن تكرار عدم دستورية مواد القوانين التي يعدها مجلس الشوري يرجع إلي نقص الخبرة القانونية والدستورية لأعضاء مجلس الشوري، ونقص الكفاءات القضائية والقانونية القادرة علي صياغة قانون الانتخابات، بما يليق بمصر وبالثورة، بحيث يخرج القانون بشكل دستوري غير قابل للطعن، وهذا هو السبب الأول.
أما السبب الثاني فهو رغبة الإخوان في استثمار الفترة الحالية من الفوضي التشريعية.. لذلك فهم لا يعتمدون في تشكيل اللجنة التشريعية التي تصيغ القوانين علي أي من الخبراء القانونيين أو الدستوريين، ولذلك تتكرر مشكلة عدم دستورية القوانين، وهذا يؤكد وجود إصرار لديهم علي الخطأ، ورغبة في تعطيل الحياة السياسية، وهذا أمر غير لائق بمصر، خاصة بعد الثورة.
ويلتقط المهندس ماجد سامي، الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية، طرف الحديث، مشيراً إلي أن مجلس الـ 7٪ ليس من حقه التشريع لمصر، حتي لو منحهم الدستور هذا الحق، فليس من المنطقي أن يستمر التشريع في يد مجلس لم ترض عنه أغلبية المصريين، ولكن لأن جماعة الإخوان لها أغراض أخري فهي تعمل علي المماطلة في إصدار قانون انتخابات مجلس الشعب حتي يظل التشريع في يد هذا المجلس، لأنهم يعلمون جيداً أن المجلس القادم لن يكون للإخوان أغلبية فيه، ومن ثم فهم يسعون لبقاء الوضع علي ما هو عليه.
وأضاف: أملنا في 30 يونيو القادم لإحداث تغيير شامل في كافة مناحي الحياة السياسية، وتغيير تلك الأوضاع القائمة وتصحيح كافة الأخطاء.