خطة الإخوان في صباح 30 يونيو

اخبارمحمد مرسيماذا سيحدث في 30 يونيو؟ سؤال بدأ يتردد منذ شهر تقريباً مع إطلاق حملة سحب الثقة من الرئيس محمد مرسي لكنه تحول في الأيام الأخيرة من مجرد سؤال إلي هاجس يؤرق المصريين جميعاً بعد أن استطاعت حملة " تمرد " الثبات ومواصلة جمع التوقيعات من جميع أحياء مصر ، فما هي سيناريوهات ذلك اليوم المنتظر ؟ وكيف سيواجه الإخوان الثورة التي اصبحت تدق أبواب مكتب الإرشاد بعنف وتهدد بنهاية مأساوية للجماعة ورئيسها المنتخب الذي نسي أنه جاء ليحكم شعبا عظيما اسمه مصر وليس ليحكم جماعة يوزع عليها مناصب الدولة ومفاصلها ؟!
السيناريوهات الدموية هي أول ما يطرأ علي الذهن ، وقد تناثرت أقاويل كثيرة عن استعدادات ميليشيات الجماعة للنزول في مواجهة الثائرين الذين قرروا النزول إلي الميادين في 30 يونيو لسحب الثقة وإجراء انتخابات رئاسية ، وهذا السيناريو أصبح هو الأقرب بعد الأحداث التي شهدها اعتصام المثقفين مؤخراً فقد تحركت بالفعل مجموعات إخوانية لفض الاعتصام بالقوة وتقدمهم برلماني سابق هو ممدوح اسماعيل وعضو جبهة الضمير عمرو عبد الهادي إضافة إلي رجل المهمات الصعبة ورجل خيرت الشاطر الملقب بالمغير ، وبصرف النظر عن الفضيحة التي عاد بها هؤلاء من شارع شجرة الدر بالزمالك حيث مقر اعتصام المثقفين إلا أن التخوفات من تحويل أي فعل ثوري أو معارض للنظام إلي حرب أهلية ،فإذا كانت ميليشيات الجماعة قد تحركت لمساندة وتأييد وزير الثقافة الإخواني الذي لم يكمل في منصبه سوي أيام معدودة فماذا ستفعل تلك الميليشيات مع معارضي الرئيس نفسه؟ وكيف سيكون الوضع في المحافظات والقري؟!
بداية فإن جماعة الإخوان بدأت حاليا في تكليف القواعد التنظيمية بالتحرك وسط المواطنين وتوصيل رسالة مفادها أن المظاهرات ضد محمد مرسي مؤامرة علي المشروع الإسلامي وأن الذين يقودون الثورة هم مجموعات من الملحدين والشيوعيين القدامي ، وذلك بهدف التأثير علي الناس للإحجام عن المشاركة ، ووفق مصادر داخل مكتب الإرشاد فإن عمل القواعد التنظيمية لم يأت بنتائج إيجابية وأن هناك رفضا لدي قطاعات واسعة من المواطنين لاستقبال أي توجيهات من الجماعة وعناصرها في الأقاليم خاصة أن حالة الغليان ضد الرئيس والجماعة لم يعد من الممكن تهدئتها ، وتضمنت التقارير الواردة من المحافظات بفشل خطة الدعاية المضادة وبرفض الشارع للربط بين أداء الرئيس وحكومته وبين المشروع الإسلامي الذي يتم استخدامه للتأثير علي الغاضبين ، وبالتالي فإن الخطة البديلة ستكون العنف والدفع بميليشيات لوقف الزحف يوم 30 يونيو.
مكتب الإرشاد بالمقطم استقبل تلك التقارير بإحباط شديد خاصة أن محافظات مثل الإسكندرية وبورسعيد والسويس تشهد تصعيدا غير مسبوق ضد الرئيس والجماعة ،،أطلقت المحافظات الثلاث صفحات علي مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تدعو إلي الثورة لسحب الثقة من محمد مرسي وأن الزائرين لتلك الصفحات تجاوز المليون ونصف المليون ممن أعلنوا تضامنهم مع " تمرد " ونزولهم إلي الميادين يوم 30 يونيو!! ،ووسط تلك الأنباء قرر محمود غزلان نائب المرشد الدعوة إلي اجتماع عاجل عقد مساء الأربعاء الماضي لوضع تصورات نهائية للسيطرة علي الوضع وتحجيم المظاهرات ، واعترف نائب المرشد بخطورة الوضع مستبعداً نجاح الوسائل السلمية ،لكنه رفض في نفس الوقت تحريك ميليشيات لمحاصرة منازل الأقباط والتهديد بإحراق الكنائس وهو الاقتراح الذي تحمس له محمود عزت وأثني عليه عدد من القيادات من بينهم "جمال حشمت " لكنه قوبل برفض من سعد الكتاتني، وكاد الاجتماع ينتهي علي وضع خطة نهائية تشمل حشد الميادين بداية من يوم 28 تحت شعار الاحتفال بمرور عام علي تولي الرئيس مرسي ، والـتأكيد علي أن وجود الجماعة سيمنع دخول الآخرين لأنه سيحق للجماعة الدفاع عن نفسها أمام الاعتداء عليهم من جانب هؤلاء الثائرين ،لكن اجتماعا سريا جمع خيرت الشاطر وصفوت عبد الغني انتهي إلي وضع سيناريو مختلف تماما وهو " التقسيم " كحل نهائي للخروج من الأزمة واستخدام أقوي أوراق الضغط لبقاء محمد مرسي ،حيث تتم ـ وفق الخطة ـ السيطرة علي جنوب مصر وإعلان دولة الخلافة من هناك ، وهو اقتراح قديم تم طرحه قبيل إعلان نتائج انتخابات الرئاسة ولم تضطر الجماعة إليه بحسم الانتخابات لصالح محمد مرسي ، وتعتمد تلك الخطة علي محورين يتم تنفيذهما في وقت واحد أحدهما هو السيطرة علي الجنوب بداية من محافظة المنيا ، والثاني هو إثارة الفوضي في جنوب سيناء لإرباك الجيش ، ويقوم بالتنفيذ عناصر تضم 30 ألف جهادي إلي جانب فلسطينيين ممن حصلوا علي الجنسية ،ويتولي صفوت عبد الغني مهمة الجنوب ، علي أن يتولي " ممتاز دغمش " المتهم في قضية فتح السجون أثناء ثورة يناير تنفيذ مهمة سيناء بمساعدة عناصر الجهاد .
ولاشك أن هذا السيناريو في منتهي الخطورة لكنه ليس مستبعداً وفق عقيدة جماعة الإخوان التي تستخدم كافة وسائل الضغط والتهديد لتحقيق أطماعها ، فالقيادات تعلم جيداً أن انهيار نظام مرسي هو انهيار كامل لمنظومة الجماعة داخل مصر وخارجها ضمن دائرة التنظيم الدولي ، ويمكننا التأكد من تطبيق هذا السيناريو الخسيس إذا راجعنا موقف الجماعة وباقي التيارات الإسلامية قبل اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وخروجهم لإعلان النتيجة وفق إحصائياتهم الخاصة واستدعائهم للفضائيات قبل ساعات من بزوغ الفجر وهو الأمر الذي أثار جدلا واسعا حتي اليوم بشأن التهديد بإشعال النيران في الشوارع ونزول الميليشيات في حالة إعلان اسم المرشح الفريق احمد شفيق كرئيس للجمهورية ، وترددت أقاويل كثيرة حول خضوع المستشار حاتم بجاتو أمين اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لهذا الضغط الإخواني وإعلان اسم محمد مرسي رئيسا للجمهورية وأشيع أن اتفاقاً سرياً تم بين بجاتو وأعضاء من قيادات الجماعة يضمن للرجل منصباً مرموقاً في دولة محمد مرسي ، وتحققت الشائعة وتحولت إلي واقع مع اعلان التغيير الوزاري الأخير حيث تولي " بجاتو "وزارة الشئون القانونية ، وقبل أن يتولي تلك الحقيبة بأيام كانت هيئة الدفاع في قضية الهروب الجماعي لسجناء سجن وادي النطرون خلال أحداث الثورة بعد اقتحامه من مسلحين قد طالبت بمثول بجاتو للإدلاء بأقواله لمعرفة كيفية قبول أوراق ترشح الرئيس محمد مرسي لرئاسة الجمهورية، والذي كان في تلك الأثناء سجينا هاربا من سجن وادي النطرون .
ورغم أن التهديد الذي تم الاعلان عنه بإحراق مصر وإشاعة الفوضي في كل مكان في حالة فوز الفريق أحمد شفيق كان معلنا من جانب التيارات الاسلامية فإن الجميع استسلم للأمر وخضع لجبروت التهديد وأصبح محمد مرسي رئيسا للبلاد بالقوة ، ولاشك أن هذا المشهد كان في ذلك الوقت قادراً علي تخويف المصريين وإثارة الرعب في قلوبهم من جحافل التطرف والإرهاب التي خرجت من القمقم وهددت بالسيطرة علي الميادين ،لكنه اليوم وبعد مرور عام علي تولي الرئيس مرسي أصبح أكثر رعبا خاصة أن الرئيس حرص منذ وصوله لمنصبه علي الافراج والعفو عن المجرمين والقتلة المتهمين في قضايا إرهابية وخرجت أعداد كبيرة من مساجين سجن العقرب لينضموا إلي مئات المتطرفين الذين أصبحوا أعضاء في أحزاب إسلامية ورؤساء لتلك الأحزاب أيضا، ولاشك أن ولاء هؤلاء لمرسي وجماعة الإخوان لن يقتصر علي تأييد الرئيس وصد الثوار بل قد يدفعهم إلي ممارسة القتل فقد اعتادوا إطلاق الرصاص علي صدور البشر! وبالتالي فإن السيناريو الإخواني الأول وهو الدفع بميليشيات يتزعمها هؤلاء الإرهابيون والتوجه جنوباً لغلق المداخل والمخارج وقطع الطرق وكذلك تحريك عناصر الجهاد بقيادة "دغمش" لإثارة القلاقل بسيناء هو السيناريو الأقرب للتنفيذ، وهو اختيار ليس عشوائيا ، وإذا سألنا لماذا تضمنت خطة التقسيم جنوب مصر من محافظة المنيا تحديدا؟!، ولماذا إرباك الوضع في سيناء ؟ فإن الاجابة عن السؤال الأول تكمن في اسم عضو مجلس الشوري " صفوت عبد الغني " الذي بدأ يظهر بكثافة مع الرئيس مرسي في الفترة الأخيرة فهو أحد أكبر كوادر الجماعة الإسلامية واسمه بالكامل صفوت أحمد عبدالغني.. مواليد 3 مارس 1963 بمدينة المنيا، واتهم في قضية اغتيال السادات وعمره لم يتجاوز 18 سنة.. حصل علي البراءة في قضية اغتيال المحجوب رغم اعترافه بارتكاب الحادث،و اتهم بالتحريض علي قتل فرج فودة، وهو حاليا يشغل منصب رئيس المكتب السياسي لحزب البناء والتنمية وأحد الذين قام الرئيس مرسي بتعيينهم في مجلس الشوري ، ويمتلك صفوت قنوات اتصال واسعة ليس في المنيا فقط وإنما في أسيوط وقنا وهو صاحب سيطرة كاملة علي عناصر الجماعة الإسلامية في تلك المدن ويمكنه بسهولة تأمين الخطة بعناصر قد تصل إلي 70 ألفا ينتمون إلي الجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين ، هذا بخلاف وجود خلايا إخوانية تمتد جذورها في اسيوط والمنيا منذ السبعينات والثمانينات في مراحل صعود الجماعة الإسلامية قبل سيطرة الإخوان علي الدعوة ،أما لماذا سيناء فالهدف واضح وهو إرباك تلك الجبهة الحساسة وتحويل نظر الجيش عما يحدث في الداخل والانشغال بأعمال العنف في سيناء، خاصة بعد التصريحات الواضحة والمحددة للفريق عبد الفتاح السيسي والتي أعلن خلالها انحياز القوات المسلحة للشعب المصري والحرص علي أرواح المواطنين.
وبالتوازي مع هذا السيناريو الكارثي الذي تعده وتقوم بتجهيزة جماعة الإخوان هناك عدة مسارات بدأ قيادات مكتب الإرشاد السير فيها بمساعدة شخصيات داخل قصر الرئاسة علي رأسهم عصام الحداد الذي تقرر أن يقوم بزيارة إلي الولايات المتحدة الأمريكية بصحبة د. سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون الذي أصبح مقربا من الجماعة حتي بعد أن كشف عن الرسائل التي أرسلوها معه إلي البيت الأبيض ، وسيحاول الحدادبمساعدة سعد الدين إبراهيم تحييد الأمريكان لحين الخروج من الأزمة، ولكن يبقي السؤال : هل تستجيب الإدارة الأمريكية وتمنح الإخوان فرصة ثانية خاصة أنها ساندت حكم مرسي؟
الحقيقة أن الإدارة الأمريكية مرتبكة للغاية في هذا الشأن فهي تتعرض لوابل من الانتقادات بسبب دعمها لحكم الإخوان خاصة من المنظمات الحقوقية التي تري ان ادارة أوباما تغض الطرف عن ابشع انتهاكات لحقوق الأقباط في مصر ، وتغض الطرف ايضا عن البطش بكافة قواعد الديمقراطية التي تتشدق بها ليل نهار، ولا تهتم أمريكا كثيراً بكل ذلك لكنها تهتم بمصالحها وبمعرفة كافة الأطراف ونجحت في السيطرة علي الإخوان منذ عام 2007 حيث تم وضع إطار يحترم الاتفاقيات الدولية خاصة فيما يخص إسرائيل، وبالتالي فإن البيت الأبيض سيظل مدافعاً عن مصالحه التي اكتشف أن جماعة الإخوان أفضل من يحافظ له عليها .
إلي جانب كل ذلك هناك بالطبع تحركات يقوم بها أنصار الفريق أحمد شفيق للضغط عليه للعودة في أقرب فرصة وترددت شائعات حول وصول وفد كبير من الشخصيات العامة إلي القاهرة عائدين من الإمارات بعد جلسة استغرقت 3 ساعات مع الفريق شفيق وتم الاتفاق علي عودته ليلة المظاهرات 29 من الشهر الحالي علي أن يتم استقباله في المطار وسط حشود غفيرة من أنصاره سيأخذونه من المطار إلي مقر حملته الانتخابية بالدقي استعدادا لخوض الانتخابات الرئاسية مجددا .
وتظل باقي السيناريوهات مفتوحة وإن كانت جماعة بديع قد حسمت أمرها بخطة التقسيم كورقة ضغط قادرة علي إجبار الجميع علي الوضع القائم وبقاء محمد مرسي رئيساً ، وبالطبع يظل السؤال عن موقف الجيش المصري ودوره في تلك الأحداث ، وقد حرص الفريق السيسي علي التأكيد بأن القوات المصرية مهمتها حماية الحدود وليس ممارسة أدوار سياسية ، لكن ذلك لا يمنع القول بأن سيناريو نزول الجيش وارد هو الآخر ، فكما ينص الدستور الجديد فإنه يحق للقوات المسلحة التدخل إن شاعت الفوضي في البلاد وأعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ وفرضت الأحكام العرفية في البلاد ففي تلك الحالة ووفق الدستور (الذي وافق عليه64% من الشعب وأقرته المحكمة الدستورية العليا) تقوم القوات المسلحة والشرطة تطبيقاً للدستور والقانون بتنفيذ اللازم لاستقرار الأمن.




الموجز

الرجوع للصفحة الرئيسية

0 التعليقات

شارك بتعليقك

مواضيع تهمك

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
الصفحة الرئيسية | حقوق القالب ل سامبلكس | مع تحيات المصري الحر